Translate

اية حقوق للأم في عيدها؟

قبل ان تكون اما او بنتا او أختا هي انسان لها حقوق وعليها واجبات، لكن حقوقها لا توازي حقوق الاب والابن والاخ لأنها امرأة . وهذه المرأة التي تهز السرير بيمينها والعالم بيسارها تبدو غير قادرة في لبنان، بلد هو "منبت للرجال"، على فتح ابواب مجلس النواب وابواب لجنة الإدارة والعدل بشكل خاص بعدما طرقته عدة مرات. فبعد ان اقر مجلس الوزراء عام 2010 إقتراحات القوانين المتعلقة بالكوتا النسائية وبالعنف الأسري واحالها الى اللجنة، ها هي تغرق في "استقرار تشريعي" بالمعنى السلبي للكلمة ـ كما يقول الوزير زياد بارود-، في ادراج النواب المتجاهلين لحقوق الناخب الأكبر اي المرأة.
وبالرغم من قدرتنا في مجتمعنا الذكوري على تحويلها من كائن مستقل يحمل اسما خاصا الى "ام فلان"، فهي و"بفضل" القوانين التمييزية كقانون العمل والضمان الإجتماعي، لا تستطيع ان تستفيد من التنزيل الضرائبي عن زوجها واولادها اسوة بالرجل (قانون رسم الإنتقال المادة9- ـ قانون ضريبة الدخل المادة 31) او ان تتقاضى تعويضا عائليا عن ابنائها وزوجها الا بشروط قاسية (قانون الضمان الإجتماعي المادة 14 و46 و16). فالقوانين التمييزية ذات الأثر الإقتصادي كثيرة وبعيدة جدا عن المساواة الفعلية والقانونية.
فحتى النساء لا يتساوين امام القانون اللبناني بدءً من قانون الجنسية وانتهاءً بالأحكام الخاصة بالموظفين والأجراء وقانون التجارة وقوانين الاحوال الشخصية. فكيف يعقل ان تستطيع من اكتسبت الجنسية اللبنانية منحها لأولادها القاصرين من غير اللبنانيين بينما تمنع اللبنانية اصلا من اعطائها لأولادها؟ وكيف نقبل بمخالفة الدستور الذي ساوى بين المواطنين عندما يختلف الدخل بين الذكر والانثى بحوالي ال38% للعمل نفسه؟
بالرغم من ان لبنان تأخر حوالي 17 عاماً لإبرام  وثيقة السيداوـ انهاء التمييز ضد المرأة، فهو أبدى ايضا تحفظات صريحة على بعض بنودها والتي ترتبط بحقوق الأم، وهي:
ـ البند الأول من المادة السادسة عشرة في فقراته المتعلقة بالتساوي في الحقوق والمسؤوليات في الزواج
والأمومة والولاية والقيمومة والوصاية على الأطفال والتبني والتساوي في حق اختيار إسم الأسرة.
ـ البند الثاني من المادة التاسعة المتعلق بمنح المرأة حقا مساويا لحق الرجل لجهة إعطاء الجنسية لأولادها.
فهل نسي ممثلو الأمة انهم ولدوا من رحم انثى ليجحفوا بحق الامهات؟ وان ما يصيب الكثير من النساء قد يصيب اخواتهن او بناتهن؟
كيف يمكن وبغياب القوانين الرادعة ان نحمي طفلة قاصر لم يكتمل نموها وادراكها ويسمح بتشريع زواجها في التاسعة من العمر وانتهاك طفولتها وتحويلها الى ام مسؤولة عن اطفال بينما يعترف القانون بعدم اهليتها على تحمل المسؤولية في امور كفتح حساب مصرفي اوابرام عقد (بما في ذلك عقد زواجها) او قيادة السيارة او الانتخاب حتى تبلغ سن الرشد؟
لقد شاركت النساء في كل الإستحقاقات الوطنية معبرات عن آرائهن الاجتماعية والسياسية على الأرض من خلال التظاهرات والتجمعات وعمليات المقاومة ضد الإحتلال (سهى بشارة، سناء محيدلي)، وحصلن على "حصة" من الإستهداف المباشر (محاولة اغتيال مي شدياق) وغير المباشر (الأرامل، و اليتامى والأمهات الثكالى)، غير انهن لما يحصلن بعد على الموقع الملائم في التخطيط والتمثيل السياسي ولا على حقهن الاساسي في الحماية اذا ما اصبحن هدفا لعنف من اقرب الناس اليهن والذي قد يصيبهن في بعض الاحيان بسبب اولادهن. كثيرات هن الامهات اللواتي سيضعن الورود على قبور فلذات اكبادهن بدلا من ان يتلقينها بسبب الذكورية واعتبار المرأة مواطنة من الدرجة الثانية وحمايتها ليست من الاولويات.

ان تغييب حقوق المرأة عن اولويات المجتمع يساهم في عدم تطوره لأن قضية حقوق المرأة هي قضية حقوق الإنسان وليست جزءاً منفصلاً عن المجتمع او متعلق فقط بالنساء. قضية حقوق المرأة هي مرآة المجتمع وانعكاس صورته وتطوره. فمثلا لا حصراً، ها نحن نرى ازدياداً في حالات العنف ضد المرأة مع ازدياد العنف في الشارع بينما نلحظ تقدم وتحسن الدخل مع ارتفاع مستوى تعليم النساء.
لذلك يجب المبادرة الى تمكين المرأة من خلال تعزيز امكاناتها وتنمية قدراتها وتحرير حقوقها التي وهبها الله لها وجردها المجتمع وعاداته البالية منها. كما يجب العمل على تنزيه الكتب الدراسية والمواد الإعلامية من التمييز. على المرأة ان تنظر الى نفسها بعين جديدة مستقلة يملي عليها وجودها دور مشارك في المجتمع غير مناقض لدورها في الأسرة وان ترفع صوتها مطالبة بحقوقها رافضة السكوت عنها.
وكما قالت ام الناشطات ليندا مطر:" انا اؤمن بان قضية المرأة هي قضية مجتمع وقضية وطن وقضية نظام، ولا اعتبرها جزءا منفصلا عما يجري حولنا." واذا ما عرفنا ان كلمة الأمة مشتقة من كلمة الام لا بد ان نتساءل عن قدرة الام الحقيقية على التمييز بين ابنائها.
ايها السياسيون سئمنا وعودكم! لا نريد بطاقات معايداتكم وتغريداتكم الودودة المناقضة لافعالكم نريد رفع الاجحاف عن المرأة بالفعل لا بالقول! اقروا القوانين المتعلقة بحقوق النساء لتنصفوا من حملتكم ٩ اشهر وسهرت حتى اصبحتم ما انتم عليه!



Comments