Translate

من ماريان الفرنسية الى جميلة بو حيرد: النساء رموز الثورات وصورتها


تزرع المرأة مع الرجل، فيحصد الرجل... هذه حال النساء في ثورات العالم العربي من ربيع بيروت الى الربيع العربي.

معا نقف في الساحات، معا نواجه القمع والعنف، ولكن
"الذكورية" العربية تقطف ازهار الربيع ويبقى الحضور السياسي ونسبة النساء
في البرلمانات العربية الأدنى في العالم وفقا لأحدث تقرير للإتحاد البرماني الدولي.
فهل ستصبح المرأة العربية الثائرة "جميلة" التي احتلت الساحات والغلافات
رمزا لخذلان "الذكورية" للمساواة بدلا من ان تكون كـ"ماريان"
الفرنسية رمزا للحرية والمساواة؟
يريدونها
عددا ووقودا للمظاهرات وصوتا في صندوق الإقتراع ولايقبلونها شريكا. المرأة اداة
لمآربهم هكذا يرونها. فقد قالت احدى المتظاهرات المصريات لكاثرين
أشتون، المفوضة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي، خلال زيارة قامت بها
إلى ميدان التحرير: "كان الرجال حريصين على أن أكون هنا عندما كنا نطالب
برحيل مبارك، ولكن الآن بعد ان رحل، فإنهم يريدونني أن أعود الى البيت".
عندما نزلت النساء
العربيات الثائرات الى الشوارع، كتفا على كتف مع الرجال، لم يردن التحرر فقط من
حكم طاغية استمر بضع عقود، انما مطالبات بالتحرر من عادات جاهلية ظالمة لا اسس
دينية لها تتحكم بأقدارهن منذ آلاف السنين. فحرمان النساء من حقوقهن السياسية
والحق في منح جنسيتهن لأولادهن مثلا يعود الى ايام الأغريق الذين حصروها بالرجال
مستثنين النساء والعبيد. و"جرائم الشرف" تعود اصولها الى الجاهلية...
جاهلية مستمرة حتى ايامنا هذه، فبعض النساء مثلا يقتلن ثلاثا: بيد المغتصب فبيد
عوائلهن ثم بالضربة القاضية بيد القانون الذي يحمي المغتصب او "القريب
القاتل".
انتفاضات
النساء العربيات جاءت للمطالبة بقوانين منصفة للمرأة بالرغم من ان غالبية الدساتير
العربية تؤكد على المساواة بين جميع المواطنين دون تمييز في الجنس أوالدين أو
المذهب، اي انها تؤكد على المساواة بين المرأة والرجل، لكنها تحتاج الى صياغة
آليات ووسائل تضمن أن نحصل على نتائج متساوية لناحية تطبيق النص القانوني. للأسف

إن واقع الحال يشير إلى ما يناقض ذلك بحيث أن بعض القوانين والنصوص زادت من معاناة
المرأة ومشاكلها. فقوانين الجنسية والأحوال الشخصية والعقوبات تتضمن نصوصا تمييزية
تتعارض مع الدستور. وطالما ان المرأة مغيبة عن المشاركة في وضع القوانين والدساتير
الجديدة فمنذا الذي سيدافع عن حقوقها ومنذا الذي سيعبر عن حاجاتها المختلفة عن
حاجات الرجل في التنمية والإصلاح وضمان الوصول الى الموارد؟
ان تدجين
النساء العربيات بعد التغييرات بدأ يظهر جليا من خلال استبعادهن وعدم اشراكهن في
مراكز صنع القرار. فعدد النساء في حكومات وبرلمانات ما بعد الثورات في تدني كما هو
الحال في لبنان والمغرب ومصر وتونس، حتى ان نظام الكوتا الذي كان معمولا به في مصر
قد الغي. كما تعمل الحكومتين التونسية والليبية على تعديل بعض القوانين التي كانت
من المكتسبات النسوية لتتلاءم مع الشريعة وفقا لتصريحات المسؤولين
"الثوريين".
تنص
اتفاقية سيداو، التي وقعت عليها واقرتها معظم الدول العربية، على قيام الدول
والحكومات باتخاذ كافة التدابير المناسبة بما في ذلك التشريع، لكفالة تطور المرأة
وتقدمها الكاملين لتضمن لها ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها
على أساس المساواة الكاملة مع الرجل. إن اتخاذ مثل هذه الإجراءات لا يعد تمييزا
طالما هو يساعد على تحسين وضع وظروف النساء داخل المجتمع ويسرع من عملية تمكينهن
من ممارسة حقوقهن على أكمل وجه. فأين اصبحت هذه التدابير مثل الكوتا النسائية؟
بعد منح جائزة نوبل للسلام لثلاث نساء قال رئيس اللجنة ان
الانتفاضات العربية تواجه خطر الاختطاف على يد زعماء من الطراز القديم وانه يتعين
عدم استبعاد النساء. واضاف "قمع النساء باسم الرب ليس سببه الدين.. لكن
الدين يستخدم لتأمين هياكل السلطة المستبدة القديمة. يساء استخدام الدين لاغراض
سياسية". وتؤكد ميشال باشليه رئيسة هيئة نساء الأمم
المتحدة: "اذا اهملت اي ديموقراطية حقوق ومشاركة المرأة، فهي ديموقراطية لنصف
شعبها فقط". فكيف ستتحقق المساواة ويحق الحق بتهميش وتغييب الشريكات الفاعلات
واغتصاب حقوقهن؟
إن أي مجتمع
ذكوري يخشى المرأة وقدراتها يعمل على عزلها. غير أن الدمقرطة هي في الواقع منحى ستصل
مفاعليه إلى عالمنا الذكوري عاجلاً أم آجلا حالما تسنح أول فرصة لتحقيق ذلك.
فلماذا لا نعمل معا يدا بيد، رجالا ونساءً على تطور الوعي الجماعي وعلى تحرر
مجتمعاتنا من العقلية البطريركية السائدة للوصول الى ازدهار بلداننا. لقد اظهر
تقرير البنك الدولي الأخير ان مشاركة النساء في الحياة العامة من الإقتصاد الى
السياسة والتعلُّم، ترفع من مستوى الدخل الوطني وتحسن مستوى المعيشة. واذا كانت
هذه من اهداف الثورات، فلماذا نستبعد العامل الأبرز للتطور والنمو؟ ام ان الثورات هي
"نصفية" على الإستبداد السياسي فقط؟

Comments